الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **
قال العارف محيي الدين محمد بن العربي الطائي الحاتمي في الملحمة المنسوبة إليه قاهرة تعمر في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة وتخرب سنة ثمانين وسبعين ووقفت لها على شرح لم أعرف تصنيف من هو فإنه لم يسم في النسخة التي وقفت عليها وهو شرح لطيف قليل الفائدة فإنه ترك كلام المصنف فيما مضى على ما هو معروف في كتب التاريخ ولم يبين مراده فيما يستقبل وكانت الحاجة ماسة إلى معرفة ما يستقبل أكثر من المعرفة بحال ما مضى لكن أخبرني غير واحد من الثقات أنه وقف لهذه الملحمة على شرح كبير في مجلدين قال هذا الشارح: كانت بداية عمارة القاهرة والنيارن في شرفهما: الشمس في برج الحمل والقمر في برج الثور وهو برج ثابت. قال: فعمر القاهرة ومدتها أربعمائة وإحدى وستون سنة قال في الأصل: وإذا نزل زحل برج الجوزاء عزت الأقوات بمصر وقل أغنياؤهم وكثر فقراءهم ويكون الموت فيهم ويخرج أهل برقة عن أوطانهم لا سيما إذا قارن زحل الجور زهر فإن الحال يكون أشد وأقوى. قال الشارح: كان ذلك في سنة أربع وستين وستمائة في أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس فإنه نزل زحل برج الجوزاء فوقع الغلاء وفي آخر سنة أربع وأول سنة خمس وتسعين وستمائة في أيام الملك العادل: كتبغا حل زحل في برج الجوزاء وكان معه الجوزهر فكانت قال: سئل المعز عن الترك ما هم فقال: قوم مسلمون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الحدود والواجبات ويقاتلون في سبل الله أعداء الله فقيل له: أتطول مدتهم قال: لا تطول مدتهم قيل: فكيف يكون زوالهم قال: يكون هكذا وكان إلى جانبه طبق كيزان فحركه حركة شديدة فتكسرت الكيزان فقال: هكذا يكون زوالهم يقتل بعضهم بعضًا قال: احذر بني من القران العاشر وارحل بأهلك قبل نقر الناقر قال الشارح: أول القران العاشر في سنة خمس وثمانين وسبعمائة وفيه تكون حالات رديئة بأرض مصر وهذا يوافق ما في القول عن القاهرة وتخرب في سنة خمس وثمانين وسبعمائة يعني بداية انحطاطها من سنة خمس وثمانين وسبعمائة التي فيها القران العاشر ويثبت في عشرين سنة التي هي أيام القران وقد ذكر في الربع الآخر أربعمائة وإحدى وستين سنة وقد تخيلت أنها مدة عمر القاهرة فإذا زدتها على تاريخ عمارتها بلغ ذلك ثمانمائة وتسع عشرة سنة وفي ذلك الوقت يكون زوالها وهو ما بين سنة ثمانين وسبعمائة إلى سنة تسع عشرة وثمانمائة ويكون ذلك سببه قحط عظيم وقلة خير وكثرة شر حتى تتخرب ويضعف أهلها. قال: قران زحل والمريخ في برج الجدي يكون في سنة سبعين وسبعمائة فتعد لكل مائة سنة من سني الهجرة ثلاث سنين فيكون ثلاثًا وعشرين سنة تزيدها على سبعمائة وسبعين سنة تبلغ سبعمائة وثلاثًا وتسعين سنة ففي مثلها من سني الهجرة يكون أول أوقات خراب القاهرة انتهى. وتهذيب هذا القول: أن زحل كلما حل برج الجوزاء اتضعت أحوال مصر وقلت أموالهم وكثر الغلاء والفناء عندهم بحسب الأوضاع الفلكية وزحل يحل في برج الجوزاء كل ثلاثين سنة شمسية فيقيم فيه نحوًا من ثلاثين شهرًا وأنت إذا اعتبرت أمور العالم وجدت الحال كما ذكرنا فإنه كلما حل زحل برج الجوزاء وقع الغلاء بمصر وذكر أن القران العاشر تتضع فيه أحوال القاهرة ورأينا الأمر كما ذكرنا فإن القران العاشر كان في سنة ست وثمانين وسبعمائة ومدة سنينه عشرون سنة شمسية آخرها سابع عشر رجب سنة سبع وثمانمائة وفي هذه المدة اتضع حال القاهرة وأهلها اتضاعًا قيبحًا ومن الأوقات المحذورة لها أيضًا اقتران زحل والمريخ في برج السرطان ويكون ذلك في كل ثلاثين سنة شمسية ويقترنان في سنة ثمان عشرة وثمانمائة وفي مدته تنقضي الأربعمائة والإحدى والستون سنة التي ذكر أنها عمر القاهرة في سنة تسع عشرة وثمانمائة وشواهد الحال اليوم تصدق ذلك لما عليه أهل القاهرة الآن من الفقر والفاقة وقلة المال وخراب الضياع والقرى وتداعى الدور للسقوط وشمول الخراب أكثر معمور القاهرة واختلاف أهل الدولة وقرب انقضاء مدتهم وغلاء سائر الأسعار. ولقد سمعت عمن يرجع إليه في مثل ذلك: أن العمارة تنتقل من القاهرة إلى بركة الحبش فيصير هناك مدينة والله تعالى أعلم. مسالك القاهرة وشوارعها لى ما هي عليه الآن وقبل أن نذكر خطط القاهرة فلنبتدئ بذكر شوارعها ومسالكها: المسلوك منها إلى الأزقة والحارات لتعرف بها الحارات والخطط والأزقة والدروب وغير ذلك مما ستقف عليه إن شاء الله تعالى. فالشارع الأعظم: قصبة القاهرة من باب زويلة إلى بين القصرين عليه باب الخرنفش أو الخرنشف ومن باب الخرنفش ينفرق من هنالك طريقان ذات اليمين ويسلك منها إلى الركن المخلق ورحبة باب العيد إلى باب النصر وذات اليسار ويسلك منها إلى الجامع الأقمر وإلى حارة برجوان إلى باب الفتوح فإذا ابتدأ السالك بالدخول من باب زويلة فإنه يجد يمنة الزقاق الضيق الذي يعرف اليوم: بسوق الخلعيين وكان قديمًا يعرف: بالخشابين ويسلك من هذا الزقاق إلى حارة الباطلية وخوخة حارة الروم البرانية ثم يسلك الداخل أمامه فيجد على يسرته سجن متولي القاهرة المعروف: بخزانة شمايل وقيسارية سنقر الأشقر ودرب الصفيرة ثم يسلك أمامه فيجد على يمنته: حمام الفاضل المعدة لدخول الرجال وعلى يسرته تجاه هذه الحمام: قيسارية الأمير بهاء الدين رسلان الدوادار الناصري إلى أن ينتهي بين الحوانيت والرباع فوقها إلى بابي زويلة الأول ولم يبق منهما سوى عقد أحدهما ويعرف الآن: بباب القوس ثم يسلك أمامه فيجد على يسرته الزقاق المسلوك فيه إلى سوق الحدادين والحجارين المعروف اليوم بسوق الأنماطيين وسكن الملاهي وإلى المحمودية وإلى سوق الأخفافيين وحارة الجودرية والصوافين والقصارين والفحامين وغير ذلك ويجد تجاه هذا الزقاق عن يمينه المسجد المعروف قديمًا بابن البناء وتسميه العامة الآن: بسام بن نوح وهو في وسط سوق الغرابليين والمناخليين ومن معهم من الضببيين ثم يسلك أمامه فيجد سوق السراجين ويعرف اليوم: بالشوايين وفي هذا السوق على يمينه: الجامع الظافري المعروف بجامع الفكاهين وبجانبه الزقاق المسلوك منه إلى حارة الديلم وسوق القفاصينن وسوق الطيوريين والأكفانيين القديمة المعروفة الآن بسكنى دقاقي الثياب ويجد على يسرته الزقاق المسلوك منه إلى حارة الجودرية ودرب كركامة ودكة الحسبة المعروفة قديمًا بسوق الحدادين وسوق الوراقين القديمة وإلى سوق الفاميين المعروف اليوم: بالأبازرة وإلى غير ذلك ثم يسلك أمامه إلى سوق الحلاويين الآن فيجد عن يمينه الزقاق المسلوك فيه إلى سوق الكعكيين المعروف قديمًا بالقطانيين وسكنى الأساكفة وإلى بابي قيسارية جهاركس وعن يسرته: قيسارية الشرب ثم يسلك أمامه إلى سوق الشرابشيين المعروف قديمًا يسكن الحالقيين وعن يمنته درب قيطون ثم يسلك أمامه شاقًا في سوق الشرابشيين فيجد عن يمنته قيسارية أمير علي ويجد عن يسرته سوق الجملون الكبير المسلوك فيه إلى قيسارية ابن قيرش وإلى سوق العطارين والوراقين وإلى سوق الكفتيين والصيارف والأخفافيين وإلى بئر زويلة والبندقانيين وإلى غير ذلك ثم يسلك أمامه فيجد عن يمينه الزقاق المسلوك فيه إلى سوق الفرايين الآن وكان يعرف أولًا بدرب البيضاء وإلى درب الأسواني وإلى الجامع الأزهر وغير ذلك ويجد عن يسرته قيسارية بني أسامة ثم يسلك أمامه شاقًا في سوق الجوخيين واللجميين فيجد عن يمينه قيسارية السروج وعن يسرته قيسارية. ثم يسلك أمامه إلى سوق السقطيين والمهامزيين فيجد عن يمينه درب الشمسي ويقابله باب قيسارية الأمير علم الدين الخياط وتعرف اليوم: بقيسارية العصفر ثم يسلك أمامه شاقًا في السوق المذكور فيجد عن يمينه الزقاق المسلوك فيه إلى سوق القشاشين وعقبة الصباغين المعروف اليوم بالخراطين وإلى سوق الخيميين وغلى الجامع الأزهر وغير ذلك ويجد قبالة هذا الزقاق عنيسرته قيسارية العنبر المعروف قديمًا بحبس المعونة ثم يسلك أمامه فيجد على يسرته الزقاق المسلوك فيه إلى سوق الوراقين وسوق الحريريين الشراربيين المعروف قديمًا بسوق الصاغة القديمة وإلى درب شمس الدولة وإلى سوق الحريريين وسوق المتعيشين وكان قديمًا سكنى الدجاجين والكعكيين وقبل ذلك أولًا سكنى السيوفيين فيجد عن يمينه قيسارية الصنادقيين وكانت قديمًا تعرف بفندق الدبابليين ويجد عن يسرته مقابلها دار المأمون البطائحي المعروفة بمدرسة الحنفية ثم عرفت اليوم بالمدرسة السيوفية لأنها كانت في سوق السيوفيين ثم يسلك أمامه في سوق السيوفيين الذي هو الآن سوق المتعيشين فيجد عن يمينه خان مسرور وحجرتي الرقيق وكدة المماليك بينهما ولم تزل موضعًا لجلوس من يعرض من المماليك الترك والروم ونحوهم للبيع إلى أوائل أيام الملك الظاهر برقوق ثم بطل ذلك ويجد عن يسرته قيسارية الرماحين وخان الحجر ويعرف اليوم هذا الخط بسوق باب الزهومة ثم يسلك أمامه فيجد عن يسرته الزقاق والساباط المسلوك فيه إلى حمام خشيبة ودرب شمس الدولة وإلى حارة العدوية المعروفة اليوم بفندق الزمام وإلى حارة زويلة وغير ذلك ويجد بعد هذا الزقاق قريبًا منه في صفة درب السلسلة ومن هنا ابتداء خط بين القصرين وكان قديمًا في أيام الدولة الفاطمية مراحًا واسعًا ليس فيه عمارة البتة يقف فيه عشرة آلاف فارس والقصران هما موضع سكنى الخليفة أحدهما شرقي وهو القصر الكبير وكان على يمنه السالك من موضع خان مسرور طالبًا باب النصر وباب الفتوح وموضعه الآن المدارس الصالحية النجمية والمدرسة الظاهرية الركنية وما في صفها من الحوانيت والرباع إلى رحبة العيد وما وراء ذلك إلى البرقية ويقابل هذا القصر الشرقي القصر الغربي وهو القصر الصغير ومكانه الآن المارستان المنصوري وما في صفه من المدارس والحوانيت إلى تجاه باب الجامع الأقمر فإذا ابتدأ السالك بدخول بين القصرين من جهة خان مسرور فإنه يجد على يسرته درب السلسلة ثم يسلك أمامه فيجد على يمينه الزقاق المسلوك فيه إلى سوق الأمشاطيين المقابل لمدرسة الصالحية التي للحنفية والحنابلة وإلى الزقاق الملاصق لسور المدرسة المذكورة المسلوك فيه إلى خط الزراكشة العتيق حيث خان الخليلي وخان منج وإلى الخوخ السبع حيث الآن سوق الأبارين وإلى الجامع الأزهر ثم يسلك سوق الصيارف برأس باب الصاغة وكان قديمًا مطبخ القصر قبالة باب الزهومة ثم يسلك أمامه فيجد على يمينه باب المدارس الصالحية تجاه باب الصاغة ثم يسلك أمامه فيجد عن يمينه القبة الصالحية وبجوارها المدرسة الطاهرية الركنية ويجد على يساره باب المارستان المنصوري وفي داخله القبة المنصورية التي فيها قبور الملوك وتحت شبابيكها دكك القفصيات التي فيها الخواتيم ونحوها فيما بين القبة المذكورة والمدرسة الظاهرية المذكورة وفي داخله أيضًا المدرسة المنصورية وتحت شبابيكها أيضًا دكك القفصيات فيما بين شبابيكها وشبابيك المدرسة الصالحية التي للشافعية والمالكية وتحتها خيمة الغلمان بجوار قبة الصالح وفي داخله أيضًا المارستان الكبير المنصوري المتوصل من باب سره إلى حارة زويلة وإلى الخرنشف وإلى الكافوري وإلى البندقانيين وغير ذلك ثم يسلك باب المارستان فيجد على يمنته سوق السلاح والنشابين الآن تحت الربع المعروف: بوقف أمير سعيد ويجد على يسرته المدرسة الناصرية الملاصقة لمئذنة القبة المنصورية ثم يسلك أمامه فيجد على يمنته: خان بشتاك وفوقه الربع وعرف الآن هذا الخان: بالمستخرج ويجد على يسرته: المدرسة الظاهرية الجديدة بجوار المدرسة الناصرية وكانت قبل إنشائها مدرسة فندقًا يعرف: بخان الزكاة ثم يسلك أمامه فيجد على يمنته باب قصر بشتاك ويجد على يسرته المدرسة الكاملية المعروفة: بدار الحديث وهي ملاصقة للمدرسة الظاهرية الجيدة ثم يسلك أمامهه فيجد على يمنته الزقاق المسلوك فيه إلى بيت أمير سلاح المعروف بقصر أمير سلاح وهو الأمير فخر الدين بكتاش الفخري الصالحي النجمي وإلى دار الأمير سلار نائب السلطنة وإلى دار الطواشي سابق الدين ومدرسته التي يقال لها المدرسة السابقية وكان في داخل هذا الزقاق مكان يتوصل إليه من تحت قبو المدرسة السابقية يعرف بالسودوس فيه عدة مساكن صارت كلها اليوم دارًا واحدًا إنشاء الأمير جمال الدين الإستادار وكان تجاه باب المدرسة السابقية ربع تحته فرن ومن ورائه عدة مساكن يعرف مكانها بالحدرة فهدم الأمير جمال الدين المذكور الربع وما وراءه وحفر فيه صهريجًا وأنشأ به عدة آدر هي الآن جارية وكان يسلك من باب السابقة على باب الربع والفرن المذكورين إلى دهليز طويل مظلم ينتهي إلى باب القصر تجاه سور سعيد السعداء ومنه يخرج السالك إلى رحبة باب العيد وإلى الركن المخلق فهدمه الأمير جمال الدين وجعل مكانه قيسارية وركب على رأس هذا الزقاق تجاه حمام البيسري دربًا في داخله دروب ليصون أمواله وانقطع التطرق من هذا الزقاق وصار دربًا غير نافذ ويجد السالك عن يسرته قبالة هذا الزقاق وصار دربًا مدربًا باب قصر البيسرية وقد بنى في وجهه حوانيت بجانبها حمام البيسري ومن هنا ينقسم شارع القاهرة المذكورة إلى طريقين: إحداهما ذات اليمين والأخرى ذات اليسار فأما ذات اليسار فإنها تتمة القصبة المذكورة فإذا مر السالك من باب حمام الأمير بيسري فإنه يجد على يسرته باب الخرنشف المسلوك فيه إلى باب سر البيسرية وإلى باب حارة برجوان الذي يقال له: أبو تراب وإلى الخرنشف واصطبل القطبية وإلى الكافوري وإلى حارة زويلة وإلى البندقانيين وغير ذلك ثم يسلك أمامه فيجد سوقًا يعرف أخيرًا بالوزارزين والدجاجين يباع فيه الأوز والدجاج والعصافير وغير ذلك من الطيور وأدركناه عامرًا سوقًا كبيرًا من جملته دكان لا يباع فيها غير العصافير فيشتريها الصغار للعب بها. وفي هذا السوق على يمنة السالك: قيسارية يعلوها ربع كانت مدة سوقًا يباع فيه الكتب ثم صارت لعمل الجلود وكانت من جملة أوقاف المارستان المنصوري فهدمها بعض من كان يتحدث في نظره عن الأمير إيتمش في سنة إحدى وثمانمائة وعمرها على ما هي عليه الآن وعلى يسرة السالك في هذا السوق ربع يجري في وقف المدرسة الكاملية وكان هذا السوق يعرف قديمًا بالتبانين والقماحين ثم يمر سالكًا أمامه فيجد سوق الشماعين متصلًا بسوق الدجاجين وكان سوقًا كبيرًا فيه صفان عن اليمين والشمال من حوانيت باعة الشمع أدركته عامرًا وقد بقي منه الآن يسير وفي آخر هذا السوق على يمنة السالك: الجامع الأقمر وكان موضعه قديمًا سوق القماحين وقبالته درب الخضري وبجانب الجامع الأقمر من شرقيه الزقاق الذي يعرف بالمحايريين ويسلك فيه إلى الركن المخلق وغيره وقبالة هذا الزقاق بئر الدلاء ثم يسلك المار أمامه فيجد على يمنته زقاقًا ضيقًا ينتهي إلى دور ومدرسة تعرف بالشرابشية يتوصل من باب سرها إلى الدرب الأصفر تجاه خانقاه بيبرس ثم يسلك أمامه في سوق المتعيشين فيجد على يسرته باب حارة برجوان ثم يسلك أمامه شاقًا في سوق المتعيشين وقد أدركته سوقًا عظيمًا لا يكاد يعدم فيه شيء مما يحتاج إليه من المأكولات وغيرها بحيث إذا طلب منه شيء من ذلك في ليل أو نهار وجد. وقد خرب الآن ولم يبق منه إلا اليسير وكان هذا السوق قديمًا يعرف بسوق أمير الجيوش وبآخره الرواسين وهو زقاق على يمنة السالك غير نافذ ويقابل هذا الزقاق على يسرة السالك إلى باب الفتوح شارع يسلك فيه إلى سوق يعرف اليوم بسويقة أمير الجيوش وكان قبل اليوم يعرف بسوق الخروقيين ويسلك من هذا السوق إلى باب القنطرة في شارع معمور بالحوانيت من جانبيه ويعلوها الرباع وفيما بين الحوانيت دروب ذات مساكن كثيرة ثم يسلك أمامه من رأس سويقة أمير الجيوش فيجد على يمينه الجملون الصغير المعروف بجملون ابن صيرم وكان مسكنًا للبزازين فيه عدة حوانيت عامر بأصناف الثياب أدركتها عامرة وفيه مدرسة ابن صيرم المعروفة بالمدرسة الصيرمية وفي آخره باب زيادة الجامع الحاكمي وكان على بابها عدة حوانيت تعمل فيها الضبب التي برسم الأبواب ويخرج من هذا الجملون إلى طريقين: إحداهما يسلك فيها إلى درب الفرنجية وإلى دار الوكالة وشارع باب النصر والأخرى إلى درب الرشيدي النافذ إلى درب الجوانية ثم يسلك أمامه فيجد على يمنته شباك المدرسة الصيرمية ويقابله باب قيسارية خوانداردكين الأشرفية يم يسلك أمامه شاقًا في سوق المرحلين وكان صفين من حوانيت عامرة فيها جماع ما يحتاج إليه في ترحيل الجمال وقد خرب وبقي منه قليل وفي هذا السوق على يسرة السالك زقاق يعرف بحارة الوراقة وفيه أحد أبواب قيسارية خوند المذكورة وعدة مساكن وكان مكانه يعرف قديمًا باصطبل الحجرية ثم يسلك أمامه فيجد على يمنته أحد أبواب الجامع الحاكمي وميضأته ويجد باب الفتوح القديم ولم يبق منه سوى عقدته وشيء من عضادته وبجواره شارع على يسرة السالك يتوصل منه إلى حارة بهاء الدين وباب القنطرة ثم يسلك أمامه شاقًا في سوق المتعيشين فيجد على يمينه بابًا آخر من أبواب الجامع الحاكمي ثم يسلك أمام فيجد عن يسرته زقاقًا بساياط ينفذ إلى حارة بهاء الدين فيه كثير من المساكن ثم يسلك أمامه فيجد عن يمينه باب الجامع الحاكمي الكبير ويجد عن يساره فندق العادل ويشق في سوق عظيم إلى باب الفتوح وهو آخر قصبة القاهرة وأما ذات اليمين من شارع بين القصرين فإن المار إذا سلك من الدرب الذي يقابل حمام البيسري طالبًا الركن المخلق فإنه يشق في سوق القصاصين وسوق الحصريين إلى الركن المخلق ويباع في الآن النعال وبه حوض في ظهر الجامع الأقمر لشرب الدواب تسميه العامة حوض النبي ويقابله مسجد يعرف بمراكع موسى وينتهي هذا السوق إلى طريقين: إحداهما إلى بئر العظام التي تسمها العامة: بئر العظمة ومنها ينقل الماء إلى الجامع الأقمر والحوض المذكور بالركن المخلق ويسلك منه إلى المحايريين والطريق الأخرى تنتهي إلى الدنق المعروف بقيسارية الجلود ويعلوها ربع أنشأت ذلك خوند بركة أم الملك الأشرف شعبان بن حسين وبجوار هذه القيسارية بوابة عظيمة قد سترت بحوانيت يتوصل منها إلى ساحة عظيمة هي من حقوق المنحر كانت خوند المذكورة قد شرعت في عمارتها قصرًا لها فماتت دون إكماله ثم يسلك أمامه فيجد الرباع التي تعلو الحوانيت والقيسارية المستجدة في مكان باب القصر الذي كان ينتهي إلى مدرسة سابق الدين وبين القصرين وكان أحد أبواب القصر ويعرف بباب الريح وهذه الرباع والقيسارية من جملة إنشاء الأمير جمال الدين الإستادار وكانت قبله حوانيت ورباعًا فهدمها وأنشأها على ما هي عليه اليوم ثم يسلك أمامه فيجد عن يمينه مدرسة الأمير جمال الدين المذكور وكان موضعهًا خانًا وظاهره حوانيت فبني مكانها مدرسة وحوضًا للسبيل وغير ذلك ويقال لهذه الأماكن رحبة باب العيد ويسلك منها إلى طريقين: إحداهما ذات اليمين والأخرى ذات اليسار فأما ذات اليمين فإنها تنتهي إلى المدرسة الحجازية وإلى درب قراصيا وإلى حبس الرحبة وإلى درب السلامي المسلوك منه إلى باب العيد الذي تسميه العامة بالقاهرة وإلى المارستان العتيق وإلى قصر الشوك ودار الضرب وإلى باب سر المدارس الصالحية وإلى خزانة البنود ويسلك من رأس درب السلامي هذا في رحبة باب العيد إلى السفينة وخط خزانة البنود ورحبة الأيد مري والمشهد الحسيني ودرب الملوخيا والجامع الأزهر والحارة الصالحية والحارة البرقية إلى باب البرقية والباب المحروق والباب الجديد. وأما ذات اليسار من رحبة باب العيد فإن المار يسلك من باب مدرسة الأمير جمال الدين إلى باب زاوية الخدام إلى باب الخانقاه المعروفة بدار سعيد السعداء فيجد عن يمينه زقاقًا بجوار سور دوار الوزارة يسلك فيه إلى خرائب تتر وإلى خط الفهادين وإلى درب ملوخيا وغير ذلك. ثم يسلك أمامه فيجد عن يمينه المدرسة القراسنقرية وخانقاه ركن الدين بيبرس وهما من جملة دار الوزارة وما جاور الخانقاه إلى باب الجوانية وتجاه خانقاه بيبرس الدرب الأصفر وهو المنحر الذي كانت الخلفاء تنحر فيه الأضاحي ثم يسلك أمامه فيجد على يمنته دار الأمير قزمان بجوار خانقاه بيبرس وبجوارهما دار الأمير شمس الدين سنقر الأعسر الوزير وقد عرفت الآن بدار خوند طولوباي زوجة السلطان الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون وبجوارها حمام الأعسر المذكور وجميع هذا من دار الوزارة ويجد على يسرته: درب الرشيدي تجاه حمام الأعسر المسلوك فيه إلى درب الفرنجية وجملون بن صيرم ثم يسلك أمامه فيجد على يمينه الشارع المسلوك فيه إلى درب الفرنجية وجملون بن صيرم ثم يسلك أمامه فيجد على يمينه الشارع المسلوك فيه إلى الجوانية وإلى خط الفهادين وإلى درب ملوخيا وإلى العطوفية وقد خربت هذه الأماكن ويجد على يسرته الوكالة المستجدة من إنشاء الملك الظاهر برقوق ثم يسلك أمامه فيجد على يسرته زقاقًا يسلك فيه إلىجملون ابن صيرم وإلى درب الفرنجية ثم يسلك أمامه فيجد على يمنته: دار الأمير شهاب الدين أحمد ابن خالة الملك الناصر محمد بن قلاوون ودار الأمير علم الدين سنجر الجاولي وهما من حقوق الحجرانتي كانت بها مماليك الخلفاء وأجنادهم ويجد على يسرته: وكالة الأمير قوصون ثم يسلك من باب الوكالة فيجد مقابل باب قاعة الجاولي: خان الجاولي وبعدها باب النصر القديم وأدركت فيه قطعة كانت تجاه ركن المدرسة الفاصدية الغربي وقد زال ويسلك منه إلى رحبة الجامع الحاكمي فيجد على يمنته المدرسة القاصدية وعلىي سرته بابي الجامع الحاكمي وتجاه أحدهما الشارع المسلوك فيه إلى حارة العبدانية وحارة العطوفية وغير ذلك ومن باب الجامع الحاكمي ينتهي إلى باب النصر فيما بين حوانيت ورباع ودور فهذه صفة القاهرة الآن وستقف إن شاء الله تعالى على كيفية ابتداء موضع هذه الأماكن وما صارت إليه وذكر التعريف بمن نسبت إليه أو عرفت به على ما التقطت ذلك من كتب التواريخ ومجامع الفضلاء ووقفت عليه بخوط الثقات وأخبرني بذلك من أدركته من المشيخة وما شاهدته من ذلك سالكًا فيه سبيل التوسط في القول بين الإكثار والاختصار والله الموفق بمنه وكرمه لا إله غيره.
|